Buhari’nin halkul kuran konusundaki görüşü
وَجَرَتْ مِحْنَةُ القُرْآنِ، وَعَظُمَ البَلَاءُ، وَضُرِبَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ بِالسِّيَاطِ ليَقُوْلَ ذَلِكَ – نَسْأَلُ اللهَ السَّلَامَةَ فِي الدِّيْنِ -.
ثُمَّ نَشَأَتْ طَائِفَةٌ، فَقَالُوا: كَلَامُ الله -تَعَالَى- مُنَزَّلٌ غَيْرُ مَخْلُوْقٍ، وَلَكِنَّ أَلفَاظَنَا بِهِ مَخْلُوْقَةٌ – يَعْنُوْنَ: تَلَفُّظَهُم وَأَصْوَاتَهُم بِهِ وَكِتَابَتَهُم لَهُ، وَنَحْوَ ذَلِكَ – وَهُوَ حُسَيْنٌ الكَرَابِيْسِيُّ وَمَنْ تَبِعَهُ، فَأَنْكَرَ ذَلِكَ الإِمَامُ أَحْمَدُ، وَأَئِمَّةُ الحَدِيْثِ، وَبَالَغَ الإِمَامُ أَحْمَدُ فِي الحَطِّ عَلَيْهِم، وَثَبَتَ عَنْهُ أَنْ قَالَ: اللَّفظِيَّةُ جَهْمِيَّةٌ.
وَقَالَ: مَنْ قَالَ: لَفظِي بِالقُرْآنِ مَخْلُوْقٌ، فَهُوَ جَهْمِيٌّ، وَمَنْ قَالَ: لَفظِي بِالقُرْآنِ غَيْرُ مَخْلُوْقٍ، فَهُوَ مُبتَدِعٌ، وَسَدَّ بَابَ الخَوضِ فِي هَذَا.
وَقَالَ أَيْضاً: مَنْ قَالَ: لَفظِي بِالقُرْآنِ مَخْلُوْقٌ، يُرِيْدُ بِهِ القُرْآنَ، فَهُوَ جَهْمِيٌّ.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: القُرْآنُ مُحْدَثٌ كَدَاوُدَ الظَاهِرِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ، فَبَدَّعَهُمُ الإِمَامُ أَحْمَدُ، وَأَنكَرَ ذَلِكَ، وثَبَتَ عَلَى الجَزمِ بِأَنَّ القُرْآنَ كَلَامُ اللهِ غَيْرُ مَخْلُوْقٍ، وَأَنَّهُ مِنْ عِلْمِ اللهِ، وَكَفَّر مَنْ قَالَ بِخَلْقِهِ، وَبَدَّعَ مَنْ قَالَ بِحُدُوثِه، وَبَدَّعَ مَنْ قَالَ: لَفظِي بِالقُرْآنِ غَيْرُ مَخْلُوْقٍ، وَلَمْ يَأْتِ عَنْهُ ولَا عَنِ السَّلَفِ القَوْلُ: بِأَنَّ القُرْآنَ قَدِيْمٌ.
مَا تَفَوَّهَ أَحَدٌ مِنْهُم بِهَذَا.
فَقَولُنَا: قَدِيْمٌ، مِنَ العِبارَاتِ المُحْدَثَةِ المُبْتَدَعَةِ، كَمَا أَنَّ قَوْلَنَا: هُوَ مُحْدَثٌ، بِدْعَةٌ.
وَأَمَّا البُخَارِيُّ، فَكَانَ مِنْ كِبَارِ الأَئِمَّةِ الأَذْكِيَاءِ، فَقَالَ:
مَا قُلْتُ: أَلفَاظُنَا بِالقُرْآنِ مَخْلُوْقَةٌ، وَإِنَّمَا حَرَكَاتُهُم، وَأَصْوَاتُهُم وَأَفْعَالُهُم مَخْلُوْقَةٌ، وَالقُرْآنُ
المَسْمُوْعُ المَتْلُوُّ المَلْفُوْظُ المَكْتُوْبُ فِي المَصَاحِفِ كَلَامُ اللهِ، غَيْرُ مَخْلُوْقٍ.
وَصَنَّفَ فِي ذَلِكَ كِتَابَ (أَفْعَالِ العِبَادِ) مُجَلَّدٌ، فَأَنْكَرَ عَلَيْهِ طَائِفَةٌ، وَمَا فَهِمُوا مَرَامَه كَالذُّهْلِيِّ، وَأَبِي زُرْعَةَ، وَأَبِي حَاتِمٍ، وَأَبِي بَكْرٍ الأَعْيَنِ، وَغَيْرِهِم.
ثُمَّ ظَهَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مَقَالَةُ الكُلَاّبِيَّةِ، وَالأَشْعَرِيَّةِ، وَقَالُوا:
القُرْآنُ مَعْنَىً قَائِمٌ بِالنَّفْسِ، وَإِنَّمَا هَذَا المُنَزَّلُ حِكَايَتُه وَعِبَارَتُه ودَالٌّ عَلَيْهِ.
وَقَالُوا: هَذَا المَتْلُوُّ مَعْدُوْدٌ مُتَعَاقِبٌ، وَكَلَامُ اللهِ -تَعَالَى- لَا يَجُوْزُ عَلَيْهِ التَّعَاقُبُ، وَلَا التَّعَدُّدُ، بَلْ هُوَ شَيْءٌ وَاحِدٌ، قَائِمٌ بِالذَّاتِ المُقَدَّسَةِ.
وَاتَّسَعَ المَقَالُ فِي ذَلِكَ، وَلَزِمَ مِنْهُ أُمُورٌ وَأَلوَانٌ، تَرْكُهَا -وَاللهِ- مِنْ حُسْنِ الإِيْمَانِ – وَبِاللهِ نَتَأَيَّدُ –
Siyeru alamin nubela, 11/509-510